السبت، 21 نوفمبر 2009

مختارات شعريةللدكتور نادرعبدالخالق قصيدة فعفوا للأمومة ياجميلة قصيدة للشاعر محمد سليم الدسوقى

فعفوا للأمومة يا"جميلة"
على أردانك الجُلى جميلة .. . ضعى نقشى وأشعارى الكحيلةفذاك الحبُ تعرفه فرنسا وتعرف أننى أخشى العذولةعرفتُكِ عندما كنا كبارا ً وصنتك عند نجعتنا الأثيلة !ولما هبّت الريحُ الخزامى ودحدحتِ النسائمُ والعسولة...ورفرفت الهوادجُ والصوارى وحطت فوق شامتنا الجديلة ...لففتُك /لا أبا لك/فى دثارى وصُنْتُكِ فى أزاهيرِ الخميلة !وأرخيتُ السُدول على خبائى وأندائى وأبهائى العليلة !وذُدْتُ الليلَ عن دنيا العذارى وذُدْتُ الويل عن شرف القبيلةوأعطيتُ المهورَ وما ملكتُ وأسديتُ القناديلَ .. الفتيلة !وما روَّحتُ من تيجان روضى ومن أرضى وراياتى الظليلة ...وما خضّبتُ كفّكِ من شذاه وما جادت به الريحُ العليلة ...وما صبرى وصبرُك هام عشقاً وما صبوى وصبوُك والرجولة !وما عهدى وعهدُكِ كان شمساً ونبراساً تَفتَّر فى ذهولة ...وما حفِلت به جُنُب الليالى والنهارات التى ملأت غيوله ..وكنّا فوقها صاباً وشهداً على سنن الحزونة والسهولة ...وصرنا فوق صبوات العذالَى " مراجلَ " واصطحاباتٍ صئولة !سلى "فرحاتَ" يا "بنتَ المثنّى" فكم نجواه ما زالت قئولة !على العادى وما خطّت يداه وما تهرَّأ من لياليكِ الصليلة ..ففى نهريك شذوى مُعطياتى ورُقياتى التى أضحت قتيلة !فماذا صار فى الدنيا حياتى ؟ وماذا دار فى خَلَدِ الفسيلة !!!وفى التاريخ والصابات عزمٌ وفى بُحرانِك العذبُ الأفولة ...وفى الرُكبان زيفٌ وارتيابٌ وفى الغلمان من جرحوا الخئولة !!وما عرفوا الذى قد كان عهداً وما عرفوا الخنوثة والرجولة !!!لقد أخطأتِ يا مثَلى الأبىِّ ويا دنيا العروبة يا أصيلة !فبينا تنبُتين من الروابى ملأتِ الكأس فيضاً من سليلة...فلا عرباً حثوْتِ ولا يهودا ً ولكن ذاك أنبوب الطفولة !!!وعفواً للأمومة يا جميلة !!!!!!!!مهداة إلى الفدائية " جميلة بو حريد "
شعر محمد سليم الدسوقى
مختارات الدكتور نادرعبدالخالق
هذه القصيدة نظمها الشاعر فى بكاء الأمومة التى ضمت المناضلة الجميلة جميلة أبو حريد والتى ناضلت من أجلها كثيرا وهى الجزائر التى ارتمى ابنائها فى احضان قاتلى جميلة وتركوا الأوطان فى مقابل مباراة فى كرة القدم والشاعر يندد بيهود العروبة والقومية والأمومة العربية
فسلام للأمومة ياجميلة
وسلام للشاعر الجميل محمد سليم الدسوقى

الاثنين، 9 نوفمبر 2009

مرارة المشمش لعطيات أبوالعينبن قراءة فى التجربة القصصية دراسة ألقيت فى النادى الثقافى بالقاهرة فى يوم الجمعة 5/11/2009 للدكتور نادر أحمد عبدالخالق

مرارة المشمش لعطيات أبو العينين
قراءة فى التجربة القصصية
دكتور نادرأحمد عبدالخالق
دراسة ألقيت بالنادى الثقافى بالقاهرة
لاشك أن دراسة التجربة القصصية تفتح أفاقا واسعة من الرؤية والتأمل والبحث فى مكنون النص القصصى، ومدى قدرة الكاتب فى الاستيعاب والمعالجة وتمثيل ذاته، والتعبير عن العالم الخارجى من حوله.
والتجربة القصصية عند عطيات أبو العينين فى مجموعتها القصصية" مرارة المشمش" تجربة اجتماعية نفسية تحتوى عدة اتجاهات، تسير وفق مخطط قصصى يتعدى حدود، التعبير الأدبى إلى اعتناق وجهات نظر نفسية وتربوية وأخلاقية ، تكشف عن ثقافة واسعة ورغبة حقيقية فى تقديم وكشف الملابسات التى تواجه البيئة المعاصرة،فى معتقلها الأول البيت وما يحتويه " الزوج – الزوجة – الطفل" إلى أخره، وتشير فى نفس الوقت إلى الملامح الخاصة التى يتشكل منها وجدانها الإنسانى والأخلاقى والاجتماعى .
ومن بين عمق الثقافة النفسية، والرغبة الحقيقية فى توضيح الفوارق الاجتماعية تبدو شخصية عطيات أبوالعينين بطموحاتها الكبيرة فى المشاركة الإبداعية الفعالة بواسطة القصة القصيرة والمقالة والشعروفى مجال البحث العلمى تتخذ عطيات أبو العينين منحنى النفس طريقا للوصول إلى تحقيق الموازنة النفسية الإنسانية بين طموحات الفرد وتجليات الإبداع .
وهنا تبدو تكويناتها الداخلية التى ترصد وتسجل وتحيل الموقف إلى ترجمة نفسية، وفى نفس الوقت لقطة قصصية مليئة بالمتعة والفن المعبر الذى يركن إلى أسس جمالية وأخلاقية فى المقام الأول، وهى فى كل ذلك لاتفصل بين واقعها ومجتمعها ومحيطها الإنسانى، وبين عملية التوظيف الفنى والنفسى فى بعث القضية وكيفية المعالجة، ولاتجعل الواقع النفسى الثقافى الملىء بالنظريات والأفكار الفلسفية والتربوية يطغى على العادات والتقاليد التى تميز المجتمع المصرى بكل خصوصيته، إنما تحاول أن تعرض العلاقات الاجتماعية بكل متناقضاتها من وجهة نظر علم النفس المعاصر، بغية المعالجة وبغية المشاركة الفعالة .
والمتامل فى ملامح التجربة الموضوعية والفنية فى قصص المجموعة يجد أن عملية التوظيف والاستدعاء لم تختص بفئة أونموذج اجتماعى معين مما يدل على أن النظرة الاجتماعية لضمير عطيات أبو العينين ليست قاصرة على محيط واحد أو بعد خاص، بل امتدت لتشمل نماذج عديدة وأماكن مختلفة وقضايا متنوعة لكنها تسير فى نفس الاتجاه، وهذا يؤكد أيضا أن التجربة ليست استعراضا لمفاهيم علم النفس أو تطبيقات لنظريات جافة جامدة، إنما هى موهبة ودراية استطاعت الكاتبة أن تعمل على إثارتها وبعثها فى قالب قصصى إنسانى ينفعل بالموقف والقضية، ويستفيد من مفاهيم وطرق علم النفس .
وتنقسم الدراسة فى مجموعة المشمش إلى قسمين الأول يمكن حصره فيما يلى:
مكالمة تليفونية النص بالنص حنين
البصقة البراوية الهيلاهوب
وتتسم التجربة هنا بالنزعة النفسية التربوية التى تبحث وتعالج وتقرر دون أن تهمل المعالم الفنية القصصية، وتلك مسألة دقيقة جدا وتحتاج إلى صبر ومثابرة، وتحتاج إلى استعراض أمراض اجتماعية كثيرة مما يشيع فى واقع الأسرة والبيئة المصرية، ومحاولة تقديم هذه الإشكاليات فى قالب فنى قصصى، يقوم على الحكى والقص بالدرجة الأولى، وهذا ما حاولت الكاتبة أن تؤديه بطريقة توظيفية موضوعية بعيدا عن المؤثرات النفسية، وهذه المعالجة الإبداعية القصصية، قلما يتعرض لمناقشتها كتاب القصة والأدباء فى وقتنا هذا، سعيا وراء المثير والمدهش الذى يجذب القارىء ، مع الأخذ فى الاعتبار السلبيات التى وقعت فيها الكاتبة من جراء تحقيق هذه المواءمة النفسية الاجتماعية .
وقد يرى البعض أن هذه المشاهد والمواقف القصصية تقتصرعلى المعالجة النفسية التى تطغى على جماليات الفن القصصى، والحقيقة التى لاجدال فيها أن تلك الأمور والمعالجات الفنية والموضوعية ينعكس عليها صلاح الفرد والمجتمع، وأهمية الدور المهم الذى يجب أن يؤديه الفن عموما والفن القصصى خاصة، مع أهمية تحقيق المتعة الفنية والحكائية .
وفى هذا الجانب الفنى الإبداعى قد استطاعت عطيات أبو العينين ان تصور وتنقل المشاهد القصصية، فى لوحات بيانية تقوم على التصوير النفسى المقارن، ويجب أن نشير إلى أن خاصية التصوير المقارن بواسطة النفس والشعور ليس مطروقا كثيرا فى أدبنا المعاصر، لذا فإن "مرارة المشمش" قد تبدو فى ظاهرها ومفهومها القريب غريبة تعكس روحا اجتماعية وأسرية، تهدف إلى ترجمة الواقع الداخلى الذى نبعد عنه كثيرا ولانقترب منه نظرا لخصوصيتنا الشرقية .
إن الكاتبة استطاعت ان تنفذ إلى ضمير المجتمع والبيت المصرى بواسطة نماذجه البشرية المختلفة، فى زمن نفسى محدد، رجالا ونساء أطفالا وشبابا، واستطاعت أن تنقل كثيا من المشاكل النفسية التى لانحفل بها ولا نستطيع أن أن نواجه بها أنفسنا، وقد لايبدو ذلك واضحا إلا من خلال القراءة البعيدة للنص القصصى عند الكاتبة .
ومن اللافت للنظرفى هذه القصص أنها اختصت بنماذج وحالات خاصة فى اوقات دقيقة وخاصة جدا مما جعل الموضوع القصصى يدور فى منطقة ذات خصوصية نفسية وأخلاقية، مثل قضية الاختيار الأمثل عند الزواج، وقضية العلاقة الزوجية، وكيفية تربية الأبناء ومراقبتهم فى المراحل العمرية المختلفة، ومراعاة المتغيرات النفسية والفسيولوجية التى تواجهم فى حياتهم الأولى، كل ذلك من خلال العلاقة الصحيحة بين الأبوين، بالإضافة إلى قضايا الفقر ومشاكله والغربة والمرض النفسى والعضوى، والمشاكل النفسية المتوارثة والتى يعول عليها الفن القصصى كثيرا .
لذلك فإن هذه التجربة بأركانها المختلفة تمثل تأسيسا خاصا وواقعا فنيا وموضوعيا، يمثل الضمير النفسى لعطيات أبوالعينين ولا يمثل غيرها، حيث لم تغادر نفسها ولم تركن إلى التقليد المباشر السريع الذى يحتفل بالنموذج الجاهز، حتى استطاعت ان تشير إلى طريقتها وأسلوبها فى التعبير بما لها وما عليها، والتى منها المتعة الفنية وإثارة الرغبة فى فهم الأشياء، والشعور بالحميمية المصرية فى أثناء القراءة، كل ذلك رغم وجود بعض الملاحظات فى الوحدة العامة الموضوعية للمجموعة، والتى خفف من حدتها الوحدة النفسية التى حاولت الكاتبة تحقيقها .
وثمة أمرأخر يلحظه القارىء المدقق لمجموعة "مرارة المشمش" وهو العملية التشاركية الفعالة بين القارىء والنص، من خلال السؤال الضمنى الذى تطرحه الكاتبة، والذى يختلف مضمونه تبعا لاختلاف القضية، لكنه عموما يدورفى أهمية المواءمة بين سلوكنا ومنطقنا فى التعامل الحقيقى الظاهرى الذى نعلن عنه، وبين ما نبطنه فى ذواتنا وتجاه أنفسنا، داخل بيوتنا وحجراتنا المغلقة وفى ضمائرنا ، تلك هى خصوصية عطيات أبو العينين فى تجربتها القصصية .
وفى القسم الثانى :
الذى يضم قصص القوقعــــة مرارة المشمش الحلــم
تدويرة المفتاح ليلـــة زفاف المصحى
تختلف التجربة لتعكس الوجه الأخر المقابل عند القاصة والكاتبة والباحثة الأكاديمية والإعلامية عطيات أبوالعينين، على مستوى القص والحكى والتطوير الموضوعى والنفسى،ويتعلق هذا الاختلاف بعملية الجمع بين حقيقة التأثيرات النفسية وتطبيقها على كافة المستويات والطبقات الاجتماعية، حيث قدمت الكاتبة مجموعة من الموضوعات المهمة على المستوى الاجتماعى والعاطفى النبيل، وهى هنا تحاول رؤية العالم وتمثيل الأخر بوعى وثقة، والملاحظ أن هذه الموضوعات قد استدعت لها الكاتبة نماذج بشرية تبدو بعيدة عن محيطها الشخصى، لكنها قريبة تمثل الطبقات المختلفة فى المجتمع، وفى النهايةإن التجربة القصصية عند عطيات أبوالعينين تجربة حقيقية تدل على شخصيتها المصرية وتعكس ثقافتها وتكشف عن طموحاتها الجادة فى ترسم خطى السابقين من الكتاب .
محاور التجربة القصصية عند عطيات أبوالعينين :
1- الشخصية
الشخصية عنصر مهم من عناصر العمل القصصى وعليها ترتكز العناصر الأخرى، ومنها تستمد الحكاية القصصية انفعالاتها وتأثيراتها المختلفة، وهى مدار التجربة فى "مرارة المشمش" وتتمتع باهتمام واسع من الكاتبة،هذا الاهتمام يشمل المصدر الذى تستقى منه هذه الشخصية وهولايبعد عن مجموعة الطبقات التى تمثل المجتمع المصرى فى رؤية زمنية خاصة جدا، ويشمل الاهتمام أيضا التوظيف الفنى الداخلى، ويشمل القضية والموضوع المتعلقان بعملية التمثيل الفنى والعلاقات التى تربط بين بقية العناصر داخل العمل.
فمثلا شخصية" البنت" فى قصة" سر اللوحة" شخصية انعكست عليها المفاهيم الخاطئة للعلاقات الزوجية والأسرية وخلافات الوالدين، وقامت اللوحة بدور الوسيط والمعادل الموضوعى الرمزى، الذى يوضح العلاقة وحقيقتها، ويساهم فى حل القضية، وشخصية " المصحى" الصداح والتى استقتها الكاتبة من أعماق الواقع البعيد وهى شخصية تقوم بوظيفة فنية وموضوعية داخل العمل، وتعكس قراءة وفهما متطورا لعلية التوظيف من قبل الكاتبة، وكذلك شخصية "عبدالكريم" و"فوزية" فى قصة "ليلة الزفاف" وهى من الشخصيات المقاومة، والتى استدعتها الكاتبة من ضميرها الوطنى العربى، وقد عالجت هنا قضية المقاومة وتهميش الروح والنفس والجسد من أجل الوطن، وكان من مظاهر ذلك حادثة الاغتصاب.
وفى النهاية يؤدى التوظيف الفنى الداخلى للشخصية فى هذه القصص إلى اكتشاف حقيقة موضوعية هامة وهى أن الكاتبة تعول على عرض التأثيرات الخارجية النفسية على الشخصية من جانب واحد دون استعراض الجوانب الأخرى مما يجعلها محددودة، لاتتعدى حدود الحادثة والفكرة المتعلقة بها، وأعتقد ان ذلك راجع إلى أن القصة لقطة أو مشهد مركب من الحادثة والتأثير النفسى المباشر.
2- الزمن
الزمن فى مجموعة "مرارة المشمش" لعطيات أبوالعينين هوزمن الحادثة، وزمن القص والحكى والعمليات الاسترجاعية التى تعتمدعلى الذاكرة الاستيعابية، وتلك عملية تقوم أساسا على الزمن الخارجى الثابت الغير مركب، وهو إما يأتى مباشرة من الماضى إلى الحاضر، أو يبدأمن الحاضرليعود إلى الماضى أوالعكس، دون الاعتماد على المدخلات الزمانية الإشارية الخارجية المساعدة، والمتامل يجد أن الزمن فى قصص "سر اللوحة- ومرارة المشمش- والقوقعة" قد يشيرإلى متعلقات زمنية أخرى خارجية إلا أنها تبعد عن كونها إشارات محددة بحدود القضية والشخصية والمكان
3- المكان
ينقسم المكان في مجموعة مرارة المشمش " إلي قسمين الأول المكان الحقيقي الطبيعي والثاني المكان المجازي الإفتراضي .
المكان الحقيقي يشيرإلي وجود مجموعة من العلاقات المكانية غير الثابتة قبل المدينة-ومن بين الشارع المنزل- المطار الجامعة . بالإضافة إلي الأماكن الخارجية الإنتقالية التي تشير إليها موضوعات الغربة وأماكن المقاومة والمعتقل والسجن ..
والمكان المجازي يتعلق بالمكان التاملي النفسي الذي يرتبط بالذاكرة والخروج من حيز الوعي إلي اللاوعي ويمثله قصة الحلم وبعض أماكن سر اللوحة . ومن بين الإتجاهين يلاحظ أن الكاتبة لم تخرج من نطاق العالم المحيط بها مما يعني أن القدرة التخيلية اقتصرت علي التوظيف المباشر . ولم تمتد لتشمل العلاقات المكانية الرمزية أو الإستعارية
4- اللغة
اللغة القصصية في مجموعة مرارة المشمش تدور حول عدة محاور أهمها :
- اللغة التأملية النفسية
- اللغة الإنفعالية
- اللغة الإجتماعية
ومن بين هذه المحاور الثلاثة استطاعت الكاتبة أن تقدم مجموعة علاقات أسلوبية تصويرية دقيقة تعود على حقيقة الشخصية ورسمها بتفاصيلها الدقيقة . زتعود علي تصوير الصفات النفسية والأخلاقية والإجتماعية للمواقف الإستعارية البيانية المتعلقة ببناء الأفكار وترتيب الإ نتقالات الذهنية القصصية في محيط النص .
ويتجلي ذلك في قصة "المصحي وتشمل "صورتان عامة وخاصة خارجية وداخلية
العامة:تقديم نموذج إنساني مهمش
الخاصة :لأثر الناتج في توظيف العلاقات الداخلية على نماذج
2- والملاحظ أن حركة الكلمة قد تبينت في عمليات التكثيف والتنسيق النفسي التصويري الإنفعالي للتعبير عن مراحل الحياة وتطورها وانفعالاتها عبر الشخصيات وعبر النص .
دكتور نادر أحمد عبد الخالق
ديرب نجم 5/10/2009
ألقيت فى النادى الثقافى بالقاهرة
الجمعة 5/11/2009

الخميس، 5 نوفمبر 2009

الليلة التى لم تجد متعة قصة قصيرة للأديبة العراقية وفاء عبدالرازق دراسة نقدية بقلم الدكتور نادرعبدالخالق


الليلة التى لم تجد متعة
قصة قصيرة للأديبة
وفاء عبدالرازق
دراسة نقدية تحليلية
الدكتور نادر أحمد عبدالخالق
1- العنوان :
يظل العنوان الأدبى يواصل عطاءاته ومهامه الوظيفية الفنية والموضوعية وهولايبعد عن كونه صورة موضوعية مصغرة تحتوى بداخلها نصا أدبيا يمكن من خلاله أن يفتح طاقات هائلة من الحكى والسرد،حتى يظن القارىء أن هناك قدرا كبيرا من الظلال التى تتوارى خلف جدلية العنوان، ومن بين هذه الطاقات والظلال يمكننا أن نقف على بعض الملامح العامة والخاصة التى يحتويها هذا النص المصغر فى "الليلة التى لم تجد متعة" وهو عنوان إحدى القصص التى تضمها مجموعة "بعض من لياليها" للكاتبة والأديبة العراقية وفاء عبدالرازق .
والوقوف على العلاقات المختلفة فى هذا العنوان من شأنه أن يحيلنا إلى عدة أفكاروقيم تعود على الطرح الاجتماعى والنفسى الذى يطويه النص فى ثناياه، والمتأمل فى التركيبة اللغوية فى هذا النص العنوانى يجد أن العنوان الأصلى للمجموعة "بعض من لياليها"، يدور حول مفهومين مختلفين الأول: يدل على المدلول العددى المرتبط بالقلة والتبعيض، والثانى : يرتبط بعلاقة زمنية محددة بنسبة خاصة تعود حقيقتهاإلى"الليل" ورمزيته المتعددة والمتنوعة، والتى يمكنها فتح منافذ من الرؤية التصويرية البعيدة والقريبة التى ترتبط بهذا المنغلق الزمنى، والذى يعود ضمنا إلى ضمير مؤنث "الهاء" والذى يمكن تفسيره بمكان أو مدينة أو بيئة أوامرأة أوأى مدلول أخريسير فى نفس الاتجاه، هذا فى بداية التكوين النفسى للعلاقة بين القارىء والنص، وسرعان ماتتلاشى هذه التأويلات بعد القراءة الأولى، ويفصح السرد عن حقيقة التأويل.
والافتراض اللغوى النحوى ينبىء عن عملية تقديرية فى هذا التركيب الذى يمكن اعتباره خبرا لمبتدأ محذوف يقدر مباشرة باسم إشارة صريح "هذا"،فتصبح " هذا بعض من لياليها" والإشارة إلى القليل تجعله ذات قيمة وأهمية وفائدة وتأثيرمباشر استدعى الإشارة إليه والتنبيه على جدلية يتضمنها.
وعلى مستوى القص يصبح هناك مجموعة من الأخبار التى ستتحول إلى أحداث ، والأحداث ستتحول إلى سرد وهكذا .. وعلى ذلك فإن العنوان التالى الذى يمكن تحليله اعتماداعلى هذا المنظور يكون إحدى إفرازات هذه الليالى، خاصة أنه معرف بزمن مناسب ومتوافق مع الطرح الزمنى الأصلى الذى أصبح حالة عامة تسيطر على الموضوع، والقصص الأخرى التالية التى تدور فى هذا الفلك الزمنى المهم .
وهذا يفسر سر اختيار "الليل" معادلا زمنيا لطرح الإشكاليات والمتغيرات التى طرأت على الساحة فى المدينة، حتى أنه أصبح قاسما مشتركا بين قصص المجموعة التى منها :
ليلة مثقلة بـلاسئلة ليلــة اللتتويـــج
ليلة كاكيــــــة ليلة الباحث عن نفسه
ليلــــــة الفقدان
الليلة التى لم تجد متعة
من هنا فإن الليلة التى هى محور الوعاء الزمنى ومحيط الأحداث هى إحدى الليالى التى تغير فيها وجه المدينة والمتأمل فى هذه العناوين، يجد أنها جملا خبرية اسمية يحاصرها الحدث الثابت، ويغلفها الرمز الموضوعى المتعدى إلى مكاشفةالواقع والذات، وإلى نقله مصورا عبر السرد، مما يعنى أن القص ليس للحكى وإنما لتقرير حقيقة اجتماعية رمز إليها بزمن "الليل" ، الذى شاع فى فضاء المجموعة،ونسبة العلاقات إلى الليل تقف على حقيقتها التى تقوم على العملية الإسنادية المسند والمسند إليه:
فالمسند إليه هو ذلك الزمن الموصوف بالليل ورمزيته معروفة تتوافق مع مدلولات الخوف والبطش والانتهاكات التى يواريها الليل، والمسند متعين فى العمليات التى نسبت استعاريا إلى هذا الزمن،وهى كلها إشكاليات وأحداث تصف واقعا ملموسا ينشطر همه بين الرصد والضمير والنقل والتصوير، من ذلك :
ليلة ـــ مثقلة بالأسئلة ليلة ـــ الباحث عن نفسه
" " ـــ التتويــــج " " ـــ الفقـــــدان
" " ـــ كاكيـــــة " " " " " "
الليلة التى لم تجد متعة
فالأسئلة والبحث عن المصير والتتويج مدلولات يقابلها الفقدان والكاكية برمزيتها البعيدة تغلف الصورة بالتشاؤم، وتستقر هذه المعانى والدلالات فى وصف هذه الرؤية، وهى مقرونة بغياب المتعة وغياب الأمل، وانتشار الخوف مقابل الأمن الذى يعد من إحدى مظاهرالمتعة، التى غابت عن الليلة ذات الصلة، لذلك فإن الإسناد يفتح مجالا من التأويل الرمزى المتعدى إلى مابعد الليلة والتى قد فسرتها بعض الليالى مجازيا، واستقرفى تقرير "الليلة التى لم تجد متعة" .
من بين هذه الأموروالدلالات والعلاقات التصويرية والأوصاف الزمنية والنفسية يمكن الوقوف على النص المصغر الكامن فى العنوان الذى نحن بصدده وهو "الليلة التى لم تجد متعة" وهو نص ينقسم إلى قسمين الأول: زمنى حقيقى والثانى: رمزى يقوم على استعارة الرمز والتشخيص والإحالات الموضوعية والاجتماعية، التى تعود على ضرورة البجث عن معرفة هذه الحقائق .
الأول: الزمنى الحقيقى فى مظهره العام والمتعدى إلى وجود علاقات خارجية أخرى، ترتبط بهذا المصير، وهذه الإشكاليات التى تتوارى خلف قيم المتعة العامة، وحقيقة الزمن هنا تعود إلى كونه مصرحا به ومحددا فى المظهر الليلى، واعتماد الكاتبة عليه كبعد وخلفية نفسية تأثيرية، تتيح عملية الحشد التى ركزت عليها، وكانت عاملا مهما فى عملية التكثيف الموضوعى .
الثانى: ويتعلق بتفسير الرمز والعملية الموضوعية واللغوية التى تكون منها النص الداخلى للعنوان، وعملية البحث الأولى تقوم على حقيقة الإسناد ونسبة المستعار للمستعارله فـ"الليلة" وعاء زمنيا ليس له علاقة بالمتعة وغيرها، مما يعنى أن هناك معادلا خارجيا يدور فى فلك النص ، على مستوى الرمزالاستعارى ، ويرتبط بالرؤية الخارجية للصورة التى تراها الكاتبة وتحاول نقلها، إلى واقع تصويرى إنسانى متعدى إلى وصف الصفة التى تنتمى لها أولا وتعيين البعد الوجدانى الذى يعكس التجربة لديها، على مستوى النفس والشعور والحقيقة رغم وجود الخيال الفنى الذى يؤدى إلى تفعيل الرمز والاستعارة.
وهذا يعنى أن نسبة المتعة إلى الليلة كعلاقة أولى ونفيها كعلاقة ثانية، هى مرواغة للمعنى وبحث عن مفهوم وتفسير للمشاهد التى بنى عليها النص المصغر فى العنوان،وهذه التفسيرات يمكن الوقوف عليها من خلال البحث اللغوى، إذا اعتبرنا أن هناك تقدير أخر للمعنى بناء على التركيبة التى عليها الجملة، والتى توحى بأنها حبرا لمبتدأ يمكن تقديره باسم إشارة مناسب "هذه" لتصبح "هذه الليلة التى لم تجد متعة" حالة استثنائية لاتتعدى كونها ظرفا طارىء يجب معارضته ومعالجته فنيا وموضوعيا يؤكد ذلك حالة النفى التى تعينت بوجود " لم " التى تقوم بنفى ما مضى من علاقات وأحداث، وهى متعلقة ضمنيا بالضميرالذى يقوم بالوصف، والضمير الذى يمثل حضورا رمزيا، هذا بالإضافة إلى الصلة والترابط البعيد والذى اختص بتنشيط العلاقات الللغوية التى قامت بواسطة اسم الموصول "التى"، مما يعنى أن هناك مواجهة لغوية ذاتية بين أسلوب النفى وبين حقيقة الصلة.
وأعتقد أن تلك الحالة هى انعكاس لصورة الكاتبة نفسها والتى يرمز لها النص ضمنيا بضمير النفس،وانعكاس للصورة التى تريد نقلها وفحصها بطريق القص، وهذا يدل على أن المواجهة منذ الوهلة الأولى يمكن ملاحظتها فى ثنايا النص، وتحاول الكاتبة أن تحاصر القارىء بهذه المواجهة المركبة من الواقع والكاتبة والضمير النفسى الإنسانى العام والخاص .

الليلة التى لم تجد متعة
2- الصورة الافتتاحية
صورة البداية
الصورة الافتتاحية أوالبداية فى العمل القصصى تمثل مدخلا مهما لمعرفة مدى انطلاقة الكاتب فى عرض نفسه ووجهة نظره، خاصة أن هذه الصورة هى التى تنشأ العلاقة الأولى، بين القارىء والنص وتتعين منها خصوصية الوصف والربط بينها وبين العنوان كدلالة وتأكيد على القيمة النفسية والموضوعية للنص، وهذه الصورة تقوم على عملية التقريب بين الواقع الخارجى والكاتب والنص، وفيها أيضا تتم عملية التكوين الأولى للكاتب وتحديد ثقافته وميوله النفسية والاجتماعية والفلسفية .
وفى الصورة الافتتاحية فى قصة "الليلة التى لم تجد متعة"، تبدو لنا حقيقة الكاتبة ووجهة نظرها وملامح ثقافتها وأهمية تجربتها السردية، حيث بدت لنا الملامح التكوينية لثقافتها، ومحاولتها بناء فكرة فلسفية وتاريخية تنفذ منها إلى العالم الخارجى، تحاكيه وتقدمه وتقف على أوصافه وملامحه الإنسانية،وقد استخدمت فى ذلك وسيلة فنية استعارية مساعدة،حيث بعثت من الماضى البعيد شاهدا يصف ويرى ويقص، بطريقة رمزية استعارية، تعينت فى "تمثال" من الصلصال هرب من حارثه، ليخرج إلى المدينة ويرصد أحوالها، تقول القاصة وفاء عبدالرازق :

بعد قليل سأترك خشبتي الميّتة باحثاً عن جهاتٍ بعيدة عن حجر، قررت أن أترك قدميَّ تمتحنان الدروب وتحتسيان الرمل،عبر الجسور والطرقات. لي رغبة الاستمتاع بشخص آخر وبمصير لم يختره الآخرون لي، مصير بلغ حد الهزيمة،كما لي رغبة شجاعة تقودني لهذا المصير يغمرنى غثيانُ الحماقة، يحاور شكلي مستوضحاً سطحه الأملس.أحذو حذوه وأسال المتحجر: جد نفسك

هذه المحادثة الذاتية النفسية الرمزية الافتتاحية تعكس واقع القاصة الداخلى الذى يبحث عن البوح بالمكنون، ولم تجد أمامهاسوى هذه القطعة الحجرية، التى ستقوم بعملية اكتشاف ورصد لوافع إنسانى واجتماعى خارجى لكنه يتعلق بمفاهيم حياتية بعيدة الأثر والتكوين، فى حياتنا وبلادنا، والمتأمل فى المصير الذى يبحث عنه المبعوث الجديد، لايرقى إليه الشك فى أنه نفس المصير الموازى الداخلى الذى تبحث عنه الكاتبة والفقرة التالية تشيرإلى شىء من ذلك تقول وفاء عبدالرازق:

تحاصرني سطوة رعد ورتابة مُملـّة، أستهلُّ يومي، أحوم حول ذاتي، أنظر إلى ثعبان الوقت أنظف نفسي منه، لي مسيرتـــي الخاصة وسخرية المتفرجين.
لا أفضّل المكان، لا أفضّل الزمان، أعني أن كل شيء تورّم حتى أنا والهواء، من العدم تأتيني فجأة حفنة هلوسة تُشعرني بأني سأصاب بنوبة من التفتيت فأتأمل أفكاري وضرورة خروجي من شكلي، أشعر أن حياتي قلقة وحياة العالم مستقرة.

هذه الصورة التشخيصية المجسدة تبحث عن توصيف ومدلول لحالة هذا الكائن الذى هربت إلية الكاتبة لتبحث عن نفسها وعن وطنها وموقعها ومكانتها التى تلاشت وأصبحت فى غير حقيقتها المعنوية والنفسية وتبدو تلك الرؤية التصويرية المقارنة رؤية وواقع نفسى متعدى إلى وصف المشاعر الداخلية التى تعتمد على المنولوج الدرامى الذى أعطى الكاتبة مساحة واسعة، من التعبير والتعمق فى فهم الأشياء، التى قد يصعب فهمها فى التعبير المباشر الصريح الغير مؤول، وكذلك يعد التركيز على العنصر الرمزى الخارجى الوسيط فى محيط الصورة الخارجية،التى تسيطر على محيط الصورة الافتتاحية، هو نوع من الاهتمام والتعمق فى فهم الصورة النفسية لدى القاصة وفاء عبدالرازق، حيث يتحقق أمرين الأول: هو التكثيف منذ البداية للفعل الخارجى والحركة الداخلية التى تتوازى مع دلالة الفعل القصصى العام،الثانى: الفصل المباشر بين الشخصية الخارجية التى تمثلها الكاتبة وبين العناصر الداخلية للعمل القصصى ، رغم وجود حوافز فنية وموضوعية يمكنها أن تضيف إلى العمل بعدا طبقيا واجتماعيا، وهذا جعل الشخصية التمثيلية المستعارة ذات قوة ذاتية انفعالية تحاول التعبير وتحاول القص والرصد من منظورها الرمزى الخاص الذى يتناسب مع كونها مستعارة، وهذا يجعل فضائها يتسع للقص والحكى والتعبير بطريقة مختلفة، لكنها ذات أثر مباشر على واقع النص .
ورغم محاولة الكاتبة حشد الصورة الافتتاحية بالعديد من الأنواع التصويرية إلا أن الصورة المسيطرة على النص الافتتاحى هى الصورة النفسية الفلسفية التى تعتمد على المواجهة والمقابلة بين واقعين مختلفين لكنهما ليسا أحسن حالا من بعضهما البعض يؤكد ذلك قول القاصة وفاء عبدالرازق فى ما يلى:
ربما ميولي ورغبتي في أن أصبح شيئاً مختلفاً، لذلك أجد نفسي دائما في فرن، لو فرضتُ أني الآخر الذي أحلم هل سأتكلم أنا أم هو؟ تـُرى ما الذي أكون عليه وكيف أترك ثلجي؟ ماذا أصنع وكم من الوقت أستغرق في المدينة؟ حجمي صغير قد تواريه الأتربة، والشوارع المكتظة بمرايا مَن عبروا، ومَن أوجعته الوهلة الأولى في السير، ماذا أقول له؟ - هل أردفُ راجعا بأحلام ما زالت في الظل؟ - هل أخبره أنه صغير لا يستحق الحلم؟ أكره صلصالا لم ينضج بمتاهاته الأربعين كعانس تتعرّى للهواء. أشعر أن الطرقات شوكة في لحم رخو،والهواء يُنذر بالشؤم. أرى الأسواق زانية، الرجل مشطور والمرأة مشلولة .
وتنتهى هذه الصورة بهذه المقابلة الحوارية التى تعتمد على الذاتية والمواجهة النفسية، وقد حاولت الكاتبة أن تقدم نفسها من خلال هذه المقابلة وتشرح كثيرا من أوصافها الحسية والمعنوية،فى محاولة لاستبصار معالم التجربة الإنسانية لديها،وذلك بواسطة محاكاتها لنفسها من واقع السرد وواقع المواجهة التى تسير وفق القص على مستوى الصورة الخارجية والداخلية وانعكاس الأحداث عليها، وانصهارها تماما فى تجربة مركبة من داخلها وخارجها الممزقين، من هذا المنظور التحليلى لمركبات الصورة الافتتاحية يمكن الوقوف على مظاهر ومعالم الصورة الخارجية كما يلى :
1- الكاتبة :
تمثل المسند إليه الذى يحكم عليه بالمسند :
"النص – الواقع -الموضوع"
والعلاقة هنا تجعل الكاتبة فى مركز" الموضوع " المحمول به على الرصد والتأمل والقراءة والاستنباط ومن ثم التعبير بطريقة افتراضية .
2- النص :
وهو المسند المفروض مسبقا على الضمير العام الذى كان سببا فى استعارة الرمز التعبيرى، الذى ناب عن الكاتبة .
" الكاتبة – الواقع – الموضوع" .
والعلاقة هنا تفنح أمام النص مرحلة من الاستيعاب الموضوعى لصور الواقع مع اختلاف أنواعها وميولها وتناقضها أحيانا، مما يجعل محيط الصورة الخارجية أكثر تأثيرا وحضورا وتعبيرا .
3- الواقع :
وهو الصورة أوالنسبة التى تربط بين النص والكاتبة " المسند والمسند إليه" بطريقة ذات أثرعلى الفكرة والتجربة العامة، التى كانت دافعا أمام الكاتبة للتعبير واستنطاق هذا المجهول الجديد الذى غير وجه الحياة .وهو كما يلى :
" الكاتبة _ النص _ الموضوع "
والعلاقة تجعل من الواقع موردا هاما للكاتبة والنص مهما كانت التخيلات الذهنية، فالواقع هو الذى يمد النص والكاتبة بمستوييها الخارجى الحقيقى والداخلى الذهنى بالقضايا والأفكار التى ترقى إلى درجة التعبير الحر الموازى لفكر الكاتب وفى حالات كثيرة يتعدى هذا الدور إلى مابعد رؤية الكاتب .

4- الموضوع :
وهو الحقائق الفكرية والذهنية التى يترجمها الكاتب والنص والواقع، وذلك حتى تتم عملية الإضافة وتستخرج المعانى والعلاقات الموضوعية التى تربط بين النص والكاتب والواقع، ويتم كذلك فى الموضوع الجمع بين العناصر السابقة التى تمثل البعد الخارجى ، وأيضا العناصر الداخلية التى يتكون منها النص، والتى تساعد فى فهم الفكرة الرئيسية ويتعين فى ما يأتى :
" الكاتبة – النص – الواقع "
العلاقة الإسنادية بين هذه العناصر تجعل من الموضوع تجربة ومدخلا مهما ينفذ من خلاله الكاتب إلى ضميره النفسى الداخلى، ليوازن بين تكوينه وفكره وما يريد أن يطرحه، ويكون عنه عدة علاقات وافكار تترجم بواسطة الموضوع إلى رؤى تصويرية ينعكس فيها الواقع الذى يريد الكاتب معالجته، ويستدعى لها النص المناسب، وتكون هذه الأمورهى من دلالات الشخصية الفنية الإبداعية التى تعبر وتنشأ الفكرة والنسبة التى تقيد هذه الأفكار والعناصر مع بعضها البعض .
من هنا ومن خلال ما سبق يمكن الوقوف على حقيقة الصورة الخارجية فى الصورة الافتتاحية فى قصة " الليلة التى لم تجد متعة" لوفاء عبدالرازق من مجموعة " بعض من لياليها" وهى تتكون من مجموعة من القضايا والأفكار الاجتماعية والإنسانية التى تفسر الواقع وإشكالياته،فالمواجهة النفسية والموضوعية التى رصدتها وفاء عبدالرازق بين الفكرة والموضوع وضميرها كانت سببا مباشرا فى انعكاس الواقع الاجتماعى على الفكرة الرئيسية الخارجية .
لأن "الصورة الخارجية هى الصورة الأساسية المركبة من مجموعة من الأفكار الاجتماعية والإنسانية والتى تنقل القضايا العامة وتحيلها إلى واقع فنى متعدد الوجوه والأنماط " (1)
وأعتقد أن ذلك كان دافعا وراء عملية الاستدعاء الاستعارية التى قامت بها القاصة ومظهرا من مظاهرالتكثيف والرمز،مما جعل الحوارالداخلى ينفعل بانفعال الصورة الخارجية والواقع ،ودفع بالنص ووظيفته إلى تأويلات متعددة، وأضاف إلى العملية التكوينية للموضوع بعدا اجتماعيا يبحث فى أصل الواقع،ويفتح أمام البحث فرصة واسعة من الاستيعاب والتحليل لمفهوم النص والصورة والواقع والفكرة واحتواء الكاتبة .

3- الصورة الموضوعية :
" وهى الصورة المجردة من المواجهة الحسية للواقع ، ويقصد بها إعادة تشكيل الطبيعة والواقع ، وانتقال تدريجي من المعنى المفهومي الراسخ الثابت ، إلى المعنى الانفعالي المضطرب ، وبمفهوم آخر ، هي استدعاء للصور المتراكمة في الذاكرة ، و المتناقضة في تكوينها ، بقصد البحث عن مفهوم جديد للعالم " . (2)
وهذا ماحاولت وفاء عبدالرازق القيام به فى قصتها " الليلة التى لم تجد متعة " فقدمت الموضوع من خلال الصورة، وجعلت للصورة مطلق التعبير عن ما يدور فى خلدها، بداية من المكان والشخصيات والأحداث رغم قلتها، بسبب الاعتماد على التصوير، مما جعل هناك اختزالا كبيرا للعديد من الأحداث،والملاحظ أن كل شخصية هى تصوير لموضوع مستقل تنعكس فيه رؤية الكاتبة، وتتعين فيه وجهة نظرها، فالجسر الذى يعد إشارة رمزية لمعالم المكان يؤدى وظيفة موضوعية مهمة تشير إلى أن هناك عالمين يفصل بينهما الجسر، أو يكون حلقة الوصل بينهما، وتلك صورة تعبيرية تجعل عملية المواجهة مستمرة فى القصة لكنها تتشكل حسب التوظيف والتصوير، والكاتبة تحاول أن تجعل منه أداة فقط تقول معبرة عن ذلك :
" وأنا أعدّ ُأولى خطواتي نحو الشارع، مررتُ بأحد الجسور الذي يقسم المدينة ويربطها بريفها أو بنصفها الآخر،نظرتُ إليه متمنياً ألاّ أتوحّش مثلهم، فقد بدا العابرون كأنهم خرجوا من مصارعةُ " .
فالوصف هنا متعدى إلى حالة الجسر التى تربط بين الوظيفة التصويرية ومعالم المكان وصفته، والانتقال إلى وصف المارة وهيئاتهم النفسية وصفاتهم الأخلاقية وصورة المصارعة هنا تعبير عن أحد طرفى الجسر الذى تدور عنده الحلبة والطرف الأخر موازيا فى التوظيف الاجتماعى النفسى، حيث يتعلق بالعودة إلى استقرار وهمى غير حقيقى، وذلك لانتفاء الصفة الاجتماعية عن هؤلاء ،وفى النهاية فإن الجسر من المركبات الموضوعية التى يمكن أن تؤدى وظيفة تصويرية ورمزية فى القصة .
وفى موقف أخر ومن خلال الوصف وحركة الشخصية تقدم الكاتبة الصورة الموضوعية الحقيقية وهى معتمدة على التصوير البصرى الذى يعكس الحقائق الخارجية تقول وفاء عبدالرازق :
" إلاّ أن رجلاً واقفاً في نهاية الجسر شدّني أكثر من الجميع كونه يعدّ على أصابعه وعلى ما يبدو للعشرة فقط ثم يتطلع إلى رؤوس فارغة وجماجم جوفاء مبعثرة بشكل عشوائي على مقدمة الجسر.
بحثتُ عن أشياء تخصني في هذا المكان الغريب، إذ لا أحد يعرفني أو يُشعرني بقيمتي وتريحه هيأتي، لا أدري هل شاخوا أو تعبوا،أم في قلوبهم مرضٌ أدى إلى شحوبهم إلى هذا الحد".
والصورة الموضوعية هنا تقوم على تفعيل المكان وما يحتوى عليه من صور جزئية داخلية تشرح كثيرا من أوصاف المكان وما تسيطر عليه من غربة نفسية وموضوعية حقيقية والرمز الموضوعى يقوم بوظيفة انتقالية فى النص ويعبر عن الأمراض والمتغيرات التى أصابت الواقع الاجتماعى، وهذا ما تحاول الكاتبة التعبير عنه وتقديمه فى عدة صور وأشكال مختلفة .
والصورة الموضوعية الشخصية تتعين فى العلاقات التى تدور حولها الشخصيات على اختلاف نوعيتهم وهيئاتهم وما يرتبط بدلالتهم النفسية والموضوعية وقد حاولت الكاتبة أن تأتى بنماذج مختلفة فى المظهر والصورة لكنها كانت تدور حول معانى واحدة تتعلق بالمتغيرات الجديدة التى أصابت المجتمع الجديد،من ذلك شخصية المرأة العجوز المتسولة المصورة بدقة وعناية شديدة تقول وفاء :
" دنت مني عجوز متسوّلة متكئة على عكازها، منثورة الشعر رثة الثياب بدت أسنانها الطويلة الصفراء مثل كوخٍ خربٍ وغابة تعتصر العمر بحرائقها" .
والمتأمل فى هذه الصورة المشخصة يجد أن الموضوع والصورة والفكرة والقاصة قد امتزجوا فى نموذج المرأة التى تعكس وجه الأشياء كلها والتى منها المدينة ، والكاتبة هنا تجعل من الاستعارة التمثيلية عنصرا فعالا يؤدى وظائف تشخيصية عديدة، وأيضا التشبيه الضمنى والرمزالمباشر، من الدلالات التى تجعل الصورة الضمنية حقيقة تواجه الصورة الفعلية الحقيقية، التى تحاول الكاتبة أن تنقلها وتقدمها كنموذج انفعالى مركب .
وقد تكرر هذا التصرف الموضوعى فى مواقف أخرى كثيرة تسير فى هذا الاتجاه التصوير كصورة " المرأة التى عبرت لجسر" وبقية الأشخاص المساعدة، الذين يشكلون محيط الصورة الموضوعية " كالرجال السكارى" و" الشاب المرافق" و " الصبية الصفر الوجوه " الذين يمثلون حالة موضوعية رمزية من كونهم بكما لايتكلمون ولا ينطقون ، والنماذج الأخرى التى تصور حال المجتمع وتعكس وقع التردى الاجتماعى على ضمير الكاتبة من ذلك صورة المرأة الخجلى التى تتلفت وتبحث عن طفلتها التائهة ، والتى تحاول الكاتبة أن تضيف لها معادلا رمزيا موازيا لها فى الفكر والضمير .
وفى المقابل تبدو صورة الموضوع فى ناحية أخرى تتعلق برؤية الكاتبة بواسطة الرمز الاستعارى وتصويرها للأحوال العرضية العادية التى تواجه المراقب عادة تقول وفاء :
" وددت لو أعود لذاكرة الصمت وخشبتي السوداء، لكن الحلم الشاسع في عيني عادت له تجلياته، فتساقطت النجوم أرغفة شهيـّة ساخنة أشعرتني بجوعي" .
الأمنية هنا دلالة عرضية تعود ضمنا على رغبة الكاتبة فى نقل الشعور والأحاسيس من الواقع الداخلى إلى الواقع الخارجى، فى صور تتفق مع العملية النفسية ، التى تحاول القاصة أن تقدمه فى صور جاهزة تبدو وكأنها "كليشيهات" جاهزة لكنها تعبر عن مرارة الحاضر من منظور الماضى المنتهى .

وتقول فى نفس المعنى :
" وقفتُ أراقب الوجوه عند أول الجسر لأكون قريبا من القادمين والغادين، أتكاشف معهم، بين وجهي وبينهم ثمة فاصل، رأيت عينين مبتسمتين معلنتين عن نظرة قلقة، ثم غاب الطفل الذي يقضم خبزه على مهل دون أن يتفوّه بكلمة واحدة مما جعلني أتساءل:هل كانت نظرته لئيمة؟ هل هي ضدي أم معي؟"
ورغم أن المقارنة الضمنية ليست بين نموذجين متساويين أو متلازمين إلا أن الصورة الضمنية لهذه المقارنة هى صورة القاصة الحقيقية التى ترى بعيون الأخرين ، وكذلك يبدو فى المقابل بعض التفسيرات التى تكررها الكاتبة من حين لأخر فى صور مختلفة ومتباينة لكنها تتعين فى نقد الواقع وشرح أبعاد هذا النقد.

وفى أحيان أخرى تخرج الكاتبة من حصارها الكبير إلى تلمس خبرات ومعانى أخرى لكنها تدور فى نفس الفلك الإنسانى الذى يبحث عن الأمل المفقود ويبحث عن إمكانية تحقيقه فى ظل الأوضاع السائدة حاليا تقول الكاتبة وفاء فى معرض حديثها عن المقابلة بين الطفل والشمس مقدمة الموضوع الداخلى من وجهة نظرها التى اختتمت فيه الصورة النفسية بالخيط المربوط بقفل كدلالة واستعارة على تفعيل الحقيقة رمزيا وجهريا طالما أن المصارحة لم تعد تبدى شيئا :
الشمس تشرق باتجاه الأطفال، أخذتْ اتجاه طفلة تقلـّدت قلادة من حجر أبيض اللون، حين ابتسمتُ لها اقتربت وناولتني قرصاً من الخبز لـُفّ بخيط مربوط بقفل .
وتقول :
رميتُ القفل في النهر، اتكأتُ على سياج الجسر متلذذا ًبأول قضمة، أحرق اللعاب فمي بحموضته ، لكني بلعتها وحدثتُ نفسي: - جميلة مبادلة المعدة جوعها باللعاب وطعم الخبز.تذكرتُ أصلي الطيني، أنا أول مرة أتمتع بإحساسِ إنسان. بلعتُ اللقمة والتهمت الأخرى، تذكرتُ لعنتها لي، ليتها تدرك المسمار وتدرك معنى الجلوس على مسمار.
والصورة هنا تتنوع مابين كونية وطبيعية وتذوقية ونفسية وإنسانية معنوية وحسية ورمزية ، اجتهدت الكاتبة فى رسمها واستعارتها المركبة، وقد اعتمدت على المقارنة الموضوعية للصورة وأعتقد أن ذلك توظيف جديد، ليس للصورة فحسب وإنماللفكرة التى تتضمنها الصورة، حتى أن الصورة الخارجية لهذه الأشكال النفسية المرسومة، هى نفس الصورة الخارجية للفكرة التى تدور فى فلكها القصة عموما ، من هنا يمكن أن نوضح مجموعة العلاقات التى قامت على أساسها الصورة الموضوعية ، والتى عبرت عن ضميرالواقع والكاتبة، والتى يمكن أن توضح معالم الصورة الخارجية فى ما يأتى :
الكاتبة ــ التعبير والإحساس والتصوير والنقل .
التمثال ــ الرمز الموضوعى المعبر عن الكاتبة والواقع .
الواقع ــ هو الذى قام بترجمة الفكرة فى ضمير الكاتبة وأحالها إلى نص
قصصى يعتمد على الرمز وعلى الخيال والعاطفة .

الكاتبة
الواقع ـــــ التمثال ــــ الموضوع
الرمز ـــــــ النص
الحياة الماضية ــــ القاصة ــــــ الحياة الحالية
الصورة = الأمنية الخاصة
= وفـاء عبدالرازق
هذا التقسيم الفنى يوضح العناصر التى قامت على أساسها الصورة الخارجية كما حاولت الكاتبة أن تؤكدعلى ذلك فى محيط الصورة الموضوعية الداخلية، التى تشكلت من العناصر الداخلية، الممثلة فى الشخصية والمكان والزمان الذى لم يتجاوز الساعات القليلة نظرا للاعتماد على خاصية التصوير البصرى والنفسى فى أنحاء السرد ، واللافت للنظر أن هذه العناصر والأركان يصعب فصلها ودراستها مستلقة نظرا للتداخلات الكثيرة التى اتسمت بها هذه العناصر مع بعضها البعض، ففى بعض الأحيان كانت تمتزج الفكرة بالشخصية بالتعبير عن المكان والزمن ويرجع ذلك إلى عملية التكثيف التى لجأت إليها الكاتبة، وتلك خاصية من خصائص القصة القصيرة عامة .



4- الصورة الختامية
النهائية الأخيرة
الصورة النهائية هى أخر ما يعلق بذهن القارىء، وهى الرؤية الخاصة التى يتشبث بها القاص عموما لينفذ منها إلى عقل ووجدان المتلقى "(لذا فإن هذه الصورة النهائية ليست حدثا عاديا ، وليست عملية تشويقية ، تستهدف استنزاف القارئ إنما هى فى الأغلب الأعم ، عود على بدء ونتائج لمقدمات ، وضميرا خاصا ، وعلاقات حسية ومعنوية ، فى غاية الأهمية ، وتتصف بالموضوعية و الجدة و الإيجاز وتأتى أهميتها من حيث أن الكاتب لا يستطيع أن يضع من خلالها ، حدا فاصلا للفكرة بل دائما ما يتركها على حالها مستدعيا عوالم ، وفضاءات و إيقاعات ، تختلف باختلاف المتلقى ، مما يعطى للفكرة غناء وحضورا ذهنيا طويلا ، يجعله يُقر بما هو بعيد أو محال أحيانا، أو بما ليس له تفسير فى ضميره ووجدانه ، خاصة أن الفن القصصى و الروائى ، بات يعتمد على الحقائق و القضايا الاجتماعية ، و التى تمثل وجهات متباينة ، وتحدث صخبا عاما ، من شأنه أن يثير خيال القارئ )" (3) .
وفى قصة وفاء عبدالرازق " الليلة التى لم تجد متعة" نجد توظيفا رمزيا مختلفا، هذا التوظيف يقوم على النزعة التأملية الفلسفية التى تقلب الأشياء على جهات مختلفة من الفكر والتأويل، فالصورة عبارة عن حديث نفسى لصلصال هارب من متحفه، يفكر فى العودة،وفى أثناء ذلك يطرح عدة أمور عند تحليلها وتأويلها ندرك تماما أنها تعود على الكاتبة ضميرا وفكرا ورغبة .
تقول وفاء عبدالرازق :
" شممتُ رائحة الصلصال الأول، تنفـّسته، أحسست بتكسر كائن في جسدي، ترنحتُ، رغم هيئتي الحجرية تحاملت على وجعي وقررت العودة لخشبتي، ربما صحا حارس المتحف وبحث عني كثيراً وخشية أن يـُتهم بالسرقة عليّ إنقاذه، مسكين لا يدري شيئاً عن منغولي دخل مع أسرته المتحف وسرق تمثالا من الفخار مربوطاً إلى خشبة بمسمار،أهداه لأول طفلة شاهدها في باب المتحف.وأنا بيدها الصغيرة تفقدتُ تكويني، لم أجد عرقاً على جسدي، حمدتُ صانعي فهو لم ينحتني لأعيش بين هؤلاء الأغبياء، شعرت بشيء يشبه المعدن في باطن كفي، كان له شكل مفتاح، تحسستُه، لهوتُ، رميته أرضاً وتجمّدتُ ، بينما طفلة جميلة تلهو بتمثال مربوط إلى خشبة قديمة،شربتُ ندمي وتمنيتُ لو أني لم أفكِّر بتجربة الخريطة.بهذه الأمنية نصّب نفسه زعيماً على نفسه.- لكنه مجرد تمثال قلت له بدلال: دع قلبك يرتاح واترك لي أمل التلذذ بصورة جديدة تلهو بذاكرة طفلة علّها تسعفني ليلة الغد وتتركني أتحسس رقبتي، مَن يدري، ربما سيصبح هذا التمثال قدوة لكل التماثيل "
والمتامل فى دلالة النص التصويرى الختامى يدرك أهمية الفكرة النقدية التصويرية التى تريد الكاتبة أن ترسلها فى محيط الصورة النهائية،ويقف على كثير من معالم التجربة لديها وهى تجربة تبدو عميقة ومركبة من عدة أفكار بعيدة فى تأويلها، حيث ترتبط بالذات وبالوطن وبالمتغيرات التى أصابته وحولت مساره، حتى انعكس ذلك على أشخاصه وثقافتهم، واتجاهاتهم الاجتماعية والسياسية ، والكاتبة إحدى إفرازات هذا الواقع، وإحدى منجزاته الثقافية والأدبية.
والصورة الختامية تأخذ أشكالا عديدة حسية ومعنوية تتنوع فى التوظيف والإدراك، وتربط بين دلالة الصورة الافتتاحية والموضوعية، وفى النهاية فإنها تعبير عن ملامح ذاتية تعود على الكاتبة وتمس باطنها وثقافتها وفى النهاية وبشكل عام ، إن هذه الصورة الختامية ، للنص القصصى ، تمثل إشارة إلى حقيقة السارد ، وشرح علاقاته التكوينية ، بصفته الشخصية الرواية ، التى تنطبق عليها الصورة الأصلية الحقيقية ، التى يريد النص تصوير ملامحها ، ومواقفها ، وحياتها الأدبية ـ التى تحولت ، إلى صورة متناقضة ، تسخر من الفكر و العقل و المنطق و العرف بشكل عام ، وقد استخدمت الكاتبة وفاء عبدالرازق رموزا فكرية فى محاولة منها لكشف عرى الواقع المتعدى إلى خارج النفس والشعور، والذى كان دافعا لمثل هذه الإبداعات .
تمت .. الدكتور
نادر أحمد عبدالخالق
ديرب نجم 4/11/2009



الهوامش :
* النص الأصلى للقصة أرسل أليكترونيا بواسطة الأديبة وفاء عبدالرازق ، والشاعر الصديق محمد محفوظ وقصة " الليلة التى لم تجد متعة" لوفاء عبدالرازق هى القصة التى فازت بجائزة نجيب محفوظ .
(1) الصورة والقصة بحث فى الأركان والعلاقات د. نادر أحمد عبدالخالق صـ 45 .
(2) إيقاع الصورة السردية د. نادر عبدالخالق صـ 29 .
(3) إيقاع الصورة السردية د. نادر عبدالخالق صـ 24 .



الأحد، 1 نوفمبر 2009

سقام الجمال قصيدة للشاعر محمد سليم الدسوقى

سقام الجمال
شعر محمد سليم السوقى
- 1 -
لأن بشالك بعض الشحوب ...
وبعض النضوب..
وبعض الكلال
- فقد هِمت فى سقسقات الدلال!
وطوعت عينى على فلجة السراج ...
على فلة فى السياج
عليك
لأن الذى فى يديك سقام الجمال
- 2-
وجئت ...
ألا تدرين بأن السماء التى تحتوينى....
وأن السحابات فوق جبينى ...
وان السنا العذب على العسجدات
على الياسمين ...
على البرتقال !
وأن العسولة فى الحلويات ...
وان الطفولة فى زهر تينى
ترطب فى الزمان الجرىء
تلطف فى اجتواء السنين
وتلقاك عطرا وسحرا حلال !
- 3-
خذى غمضة العين لاتسبليها ...
خذى ومضة البرق لاتعذليها ...
فقط رأيتك ياشهد فيها ..
وهاتى بساتينك الفائحات...
وهاتى فساتينك الفاتنات ...
وهاتى حياتى!
فكم بت أطلب ذاك النوال !
وكم عز ...
كم لذ ياربة الابتهال!!!

شعر / محمد سليم الدسوقى


حوار الدكتور نادرأحمد عبدالخالق مع الشاعر محمد سليم الدسوقى


الحوار

- الشاعر هوالإنسان السابح فى عالم الإبداع شوقا وطربا وألما ووجدا ينشد الخير وينكأ الجراح ليداويها......... هل تتفق معى فى ذلك ؟
- الشاعر محمد سليم الدسوقى من أنت وما الجيل الذى تنتمى إليه؟
هل للشعر أهمية فى حياتنا؟ أم أنه ترفيه وتسلية..و..و... ؟


- نعم أتفق معك فى أن الشاعر بعوالمه الثرة السابحة فى دنيا الإبداع باحثاً عن الخير حيث كان ومسدياً الصحة والعافية لضمادات القلوب وجراحات الدروب فهو الإنسان الذى يقطر قلمه دواءاً لكل داء وشفاءاً لما يعتمل فى اغوار النفس البشرية من جماحات تبللها غلالات الجراح.
- يشرفنى أن أنتمى إلى جيل السبعينيات من القرن الفائت حيث الرواد من الشعراء المخضرمين وحيث أشعار محمود حسن إسماعيل ونذار قبانى وصلاح عبد الصبور وبد شاكر السياب وأمل دنقل وغيرهم من الشعراء.
وحيث تراث السابقين شوقى وحافظ وعلى محمود طه وناجى والجاهليين والإسلاميين كلٌ بقدره وقامته وأساتذة الجيل من تراث المنفلوطى والمازنى والرافعى وطه حسين والقائمة الذهبية طويلةٌ طويلة , وأنا واحد من تلاميذ هؤلاء قرأت لهم لأسير على ذات الدرب وأنتهج ذات النهج.
لهذا ساعدتنى نشأة القرية الغنّاء كثيراً وأيقظنى كُّتاب القرية من وهدة سُباتها العميق.
وكذلك عماد الأزهر الشريف والذى تعلمت فيه حيث تخرجت فى كلية اللغة العربية سنة 1966م.
وعلى منابر الساحة الأدبية حيث كانت بالقاهرة أو الأسكندرية أو بورسعيد أو سائر الأقاليم وفى صحف الداخل والخارج وإذاعاتها .





وعلى مساحة عشرين ديواناً من الشعر الصحيح الفصيح كتبتُ :

01- صلوات على زهرة الصبار.
02- طقوس الليلة الممتدة.
03- الحب فى زمن الرمادة.
04- قطرات العشق الإلهى.
05- شال القطيفة والبندقية.
06- جلاجل الفرس... وردية الإيقاع.
07- تنهدات الريح.
08- وا... زمان الوصل بالأندلس.
09- مواجيدى.
10- تغاريدى.
11- سنوهى... فى بلاد العشق.
12- الشعر يبحثُ عن أمير
13- الوارد العلوي ... طاف .
14- أبابيـــــــــل
15- ريهام نوار الفصول
16- النّهرُ .. صبٌّ لم يزلْ !
17- معاشقُ الهَديلِ والنّخيلِ والمطرْ
18- ياخيلَ اللهِ...اركبى !
19- مولاتى تمطرنى شعراً
20- هللى يا طيوب .
21- أحلى ما كتب محمد سليم الدسوقى من العشق الإلهى إلى عشق الوطن
** مسرح عنترة بين التأصيل والتأويل- دراسة.
-----------------------






ولقد كرمت عدة مرات وحظيت بعضوية رابطة الأدب الحديث واتحاد كتاب مصر ورابطة الأدب الإسلامى العالمية .
- ولا أستطيع أن أقول : إن الشعر رفاهة فقط أو سلوى فقط ولكنه قبل ذلك وبعده أخذٌ باليد إلى منابع الماء ومهاجع الدواء فى مقطوعة حلوة تقدم لك المثل والقدوة وصحوة الفؤاد والضمير وأنشودة الوهاد والخرير وطلقة المدفع التى تخترق صدور الاعداء وتحرس الوطن والزمن من عضال الداء.
وهو نثرة السحابة المقطرة, ونشرة الدعابة المعطرة وهو تاج العروس فى خبائها, ووشوشات السوسنات فى وهادها وهو دندنات الصغير فى المهاد, وصولجانات الكبير فى الجهاد.
وهو دعوات وصلوات عندما تحنو اليواقيت ويرتاح السبات.

س1 للتجربة الأدبية سمات وخصائص يمتاز بها الشاعر عن غيره مامدى صحة ذلك بالنسبة للتجربة العامة لديكم ؟

ج1 يبدأ الشاعر مقلداً فى الكثير من الأحيان ثم تنتابه الاستقلالية الكاملة عندما تنضج عنده التجربة وتستوى تماماً وهنا يقال : إن الشاعر فلان ينهج نهج كذا أو كتابته تجنح إلى كذا حتى يصل به الحال إلى خط معين خاص به هو, وسمات معينة لا ترى إلا فى كتاباته, وتصبح هذه سمته الخاصة التى يعرف بها عند قرائه ونقاده, وحتى إذا قرئ شعره أو أدبه عموماً أمام المتخصصين بدون ذكر اسمه يقال: هذا إبداع فلان..
وقد ذكر ذلك الأستاذ/ عبد المنعم عواد يوسف فى نقده لديوانى (تنهدات الريح)فقد قال: أشهد أن محمد سليم الدسوقى قدم فى هذا الديوان وفى كل ديوان جديد يقدمه شيئاً جديداً يختلف تماماً عن دواوينه السابقة وأنا متابع له .
وأنا فى هذه السمات أتكئ كثيراً على اللغة فى سموها ورفعتها وجزالتها وبلاغتها ولا أفرط فى ذلك سواء فيما كتبتُ من أصالة أو من حداثة.
وكما ذكر الأستاذ/ حزين عمر عندما نشر فى صحيفته "المساء" أننى قد فككتُ اللغز بين الأصالة والحداثة .
كذلك التجديد المستمر للموسيقى وللفكرة والصورة والشعر ومستحدثات العصر فى كل التناولات التى تدخل دنيا الكتابة الأدبية, فأنا أسلم نفسى للقلم الثر الذى يكتب ويرسم الصورة واللغة والفكرة والإيقاع وكل ما تمليه عليه عملية الإبداع وما يكتنز عنده من قراءات ومطالعات منذ الخمسينيات وحتى الآن عملاً بما يقال: إذا لم تستطع أن تجدد فدع القلم واترك الآخرين يجددون.
وفى الباب متسع لمن يقرأ وينقد ويقرر هذه السمات والصفات فى كل دواوينى التى منحنى الله إياها بعيداً عن التكرار والتدليس والمحو والإثبات وتغيير العناوين .
فهى مشروع شعرىٌ متكامل قلت فيه كل ما أريد وكل ما خطر على بال المريد من نجوى إلى الله ومن شدوى إلى الوطن.
كذلك ما وقر فى الخاطر من بلوى ومن بلسم, ومن حلوى وأغاريد فى إطار اللغة وهزهزات الإيقاع.

س2 هل يجب أن ينتمى الشاعر والأديب إلى مذهب أدبى معين أو مدرسة ادبية كالواقعية او الرومانسية أو السريالية ؟ ومامدى قناعتك بهذه الفكرة؟

ج2 مسألة الانتماء هذه مسألة أغلبية.
فالشاعر عندما يكتب لا يدور بخلده إلا فكرته التى تختمر فى وجدانه وتمور فى أعماقه وتراود القلم أن يكتب وأن يقول صارفاً النظر عن السريالية أو الواقعية أو غيرها.
لأنه لو قدر ذلك بدايةً لما كتب شيئاً حتى الشكل الذى يراوده لا يملكه إلا عندما يخرج إلى الوجود, ويصبح كائناً مكتوباً على الورق أو مدسوساً فى حلوق الخواطر والوجدانات, وعندما يتجلى للوجود ويصبح مخلوقاً سوياً نستطيع أن نقرأه وأن نحكم عليه الحكم الصائب ونقول لشاعره ساعتئذٍ : أنت موغل فى الومانسية مثلاً .
ثم نحكم عليه بغلبة عمله وننسبه إلى الصف المدرسى الذى نراه .


س 3 الصورة الأدبية فى القصيدة المعاصرة لاتقف عند حدود التعبير عن الموضوع والفكرة التى يريد الشاعر أن يتناولها فى قصيدته بل تتجاوز ذلك إلى التعبير عن الشاعر نفسه حتى أننا لانرى إلا صورة الشاعر النفسية هى الواضحة فى النص وقد ظهر ذلك عندكم كثيرا فى ديوان الدكتورة ريهام ما دلالة ذلك وبماذا تفسره وهل ذلك من فرط الحزن والجزع ؟

ج3 يقولون: الصورة عندى شديدة التأثير وقوية الوقع خاصة فى ديوان إبنتى الدكتورة ريهام وأنا أوافقك على ذلك فالصورة بشكل عام إذا لم تؤثر فى القارئ أو المتلقى وتهزه من الأعماق هزاً تصبح عديمة الفائدة وتصبح كذلك عبئاً على التجربة ذاتها .
وأذكر عندما بدأت أكتب ديوانى الثانى والثالث "طقوس الليلة الممتدة" و" الحب فى زمن الرمادة" وبتوصية من أخى الدكتور/ حسين على محمد أن أجرب كتابة القصيدة الحديثة فأنا جديرٌ بها كما يقول وقد كنت وقتها أكتب القصيدة العمودية فقط.
وقد فعلت ذلك بعد قراءتى لتجارب عديدة لشعراء كثيرين, خلصتُ خلال الكتابة بمعاناة شديدة أسلمتنى إلى حقيقة ثابتة لا يتصورها من لا يجربونها ويتشبثون فقط بالشكل التقليدى متهمين من يكتبون الشكل التفعيلى بأنهم يستسهلونه وأن الشكل التقليدى جد ثقيل لا يقدر عليه إلى جهابذة اللغة.
وأنا أقول خلاف ذلك وأن القصيدة الحديثة لمن جربها تجربة حقيقية وأعطاها حظها من الصورة والإيقاع حتى تتوهج بين يديه وهنا يستطيع أن يقول: إننى نجحت فى هذه التجربة وأن يقدمها للناس موسيقى عذبة ومتعة فنية " وبنبونى و شيكولاته" للمتلقى كما ذكر أخى الدكتور/ أيمن تعيلب فى نقده لبعض قصائدى فقد قال هذه العبارة: " إن فلان يقدم حلوى للقارئ ملفوفة فى غلائل من حرير " وهذه مسئوليته كناقد كبير.
عندها فقط وبعد التجربة قرأت ما أكتب على الدكتور/ حسين قائلاً : إنها تجربة مرهقة جداً فى إبداعها بالشكل الجيد والمطلوب فضحك ووافقنى على ذلك.
وقد التزمت فى كتاباتى هذا الخط الجيد .
وإذا كانت الصورة فى ديوان ريهام وهو ديوانى الخامس عشر فى غاية الدلالة والخصوصية فأنا أوافقك على فرط الحزن على ما أصاب إبنتى ريهام وإن كنت أختلف معك على أن الجزع عامل من عوامل تلك الخصوصية لأنه لا جزع على الإطلاق قد انتابنى وأنا أكتب هذا الديوان فى بدايات المرض وإن كانت الوفاة قد حدثت بعد ذلك بسنتين ونصف تقريباً وقد كان الأمل والرجاء والإيمان واليقين فى مدد الله تعالى موجوداً فى رحابات الزمان والمكان .
وإذا وُجدت هذه الرجاءات فلا مجال البتة للجزع والخروج عن سمت الإيمان.
ولكان الكلام قد اختلف عن ذلك تماماً.






س4 هل يمكن استخلاص التجربة بواسطة الصورة وهل ينطبق ذلك على التجربة فى ديوان الدكتورة ريهام ؟
ج4 الناقد المتمرس صاحب التجارب العديدة والدرايات البعيدة يستطيع أن يستخلص التجربة الثرية لشاعر ما عندما يبحر فى دراسته واستشفاف ما عنده من هذا العمل الذى يقدم له...أسلوبه ولغته وصورته وفكره خاصة الصورة العميقة عمق وجدانه ورؤيته وتفكيره إذ ليس ثمة شاعر ينتح من هذا الفيض الذاخر فى نفسه دون أن تنضج ثقافته وقراءاته وميوله ومؤثراته وتأثيراته فى الآخرين وإلا كان شعره غير دال على شئ فكأنه غير موجود.
وعندئذ نبحث عن من يدرس هذه الصورة بأبعادها المختلفة وإيحاءاتها المتعددة لنتبين عند من يكمن العيب الذى لا يستطيع أن يشى بالتجربة وأن يستخلصها جلية واضحة للعيان.
وديوان ريهام موضوع البحث خير دليل على ذلك فمن يقرؤه ويدرسه دراسة متأنية باحثة يستطيع أن يرى من خلال الصورة وما تلقيه من ظلال ونثار تجربة غنية موحية بكل ما فى النفس البشرية من خواطر ودلالات .

س5 انت تلجأ دائما إلى استعمال الألفاظ فى غير حقيقتها المألوفة مما يجعل هناك علاقات رمزية وأسلوبية متعددة قد تفوق المعنى المقصود ومن ناحيتى فقد اعتبرت ذلك تجديدا لكنه قد يواجه بغرابة عند الأخرين من النقاد ما قولك فى ذلك؟

ج5 سأجيب على سؤالك هذا من آخره فقد واجه الآخرون هذا الاستعمال بغرابة شديدة لأنهم لا يعجبهم شئ أصلاً لكنهم لم يمكثوا أمام هذه الغرابة إلا قليلاً ثم انقلبوا مسلّمين بهذه العلاقات الرمزية والأسلوبية الجديدة والتى تخرجهم من الزقاقات الضيقة فى عالم الفكر والأدب إلى رحابات التأمل والإعجاب بما يدور حولهم من متغيرات الفكر والإبداع وهم واقفون يتفرجون .
لكنها عوامل التغيير والتجديد ورياح التقدم والانفتاح على ما عند الآخرين من ثقافة وفن ومن طلاقة اللسان ونزوع البيان نحو الأفضل والأرحب بعيداً عن قصور النظر وفتور البصر.
وقد أشار إلأى ذلك الكتور/ حسين على محمد فى حوار معه عندما قال: إن هناك خاصية أسلوبية جديدة عند محمد سليم الدسوقى هى هذه العلاقات الغير مألوفة وهى غير موجودة عند غيره.
وذلك عندما قرأ فى ديوان الحب فى زمن الرمادة عبارة (سِوارَ الأذْنين, وقُرطَ المِعصم...)
ولعلك تكتشف قريباً شيئاً آخر جديداً وتسأل لأجيبك عنه إن شاء الله .

س6 يتهمك البعض بأنك معجمى اللفظ والكلمة ألا ترى أن الشاعر يكتب ليقرأ وبالتالى يجب عليه أن يلتمس التعبير السهل المعروف كيف توازن بين ذلك؟

ج6 يقول البعض : إننى معجمى فى كثير من الألفاظ والكلمات التى أستعملها فى أشعارى.
لكننى أقول بالمقابل: إننى أتهم هذا البعض خاصة إذا كان ممنهجاً على قوائم الأدب والثقافة والإبداع مقبلاً على القراءة والمعرفة مأخوذاً بسحر الشعر وموسيقى الكلام أن يكون قوى الصلة باللغة ومدلولات الألفاظ ولا أقول متخصصاً فيها أو دارساً لفقه اللغة و المعاجم.
وإنما تكفيه الدراية بسياقات التعبير وتآلفات الجمل فحتى لو كانت هناك كلمة فى العبارة قوية بعض الشئ فالتأمل فى السياق يفصح عنها ولو بعض الإفصاح.
لكن التغريب والمعجمية التى أتهم بها غير موجودة وغير مطلوبة خاصةً فى تدنى المستويات المعرفية للغة ودلالاتها فى هذا الزمان.
فمن غير الطبيعى أن أتعمد ذلك وإن كنت أكتب بموضوعية وبصر بمواقف من يقرءون ومن يسمعون معتمداً فى ذلك على بعض الإضاءات الواردة حول هذه الكلمة أو تلك والتى لو تأملها القارئ لفطن للمعنى من أول وهلة ومن أقرب طريق.
إذ لست أسمح لنفسى أن أكتب بأقل من ذلك وأنا من أفنى عمره فى القراءة والكتابة والدرس والبحث, وأن يقال إننى سطحى التفكير والتصوير والتعبير وأننى لم أضف شيئاً إلى اللغة وكأننى أجنج إلى العدم واللاشئ على الإطلاق.
وقد رطبت ذلك بالكثير من الكلمات الدارجة التى أقوس عليها فى موضعها ليعرف القارئ أننى أقصدها.
ولعل ذلك يحدث التوازن المطلوب فى الأسلوب ولا عيب فى ذلك ولا غضاضة مادمت قاصداً له ومعترفاً به .

س7 الرثاء من أغراض الشعر القديمة منذ العصر الجاهلى هل ترى أن الشاعر المعاصر يحافظ على قيمة الرثاء وأهميته أم أنه اقتصر على الحوادث التى تصيبه فقط ؟

ج7 الرثاء غرض قديم قدم الشعر ذاته وإن كنت لا أميل إلى كتابته لأننى أعتبره نوعاً من أنواع التملق والذاتية وأنا أكره ذلك وإن كنت قد وقعت فيه من رثاء للوالد ورثاء للملك فيصل ورثاء للشاعر صلاح عبد الصبور رحمة الله عليهم جميعاً وكان ذلك فى ديوانى الأول والثانى ولعلنى أكون قد كرهت ذلك بعد ذلك, فهو لا يستميلنى على الإطلاق.
أما ديوان ريهام فليس رثاء لأننى كتبته قبل الوفاة بسنتين ونصف وفى الأسبوعين الأولين من المرض وذلك واضح من تاريْخى الكتابة والوفاة .
فهو رجاءات ودعوات خالصة لله أن يرفع البلاء وأن يأذن بالشفاء لكن قضاء الله وقدره سبحانه كانا على ما أراد ولا راد لقدر الله ومشيئته وقد عوضنا الله عن ذلك صبراً وسلواناً وأعتقد أن سوق الرثاء فى الشعر المعاصر سوق نافقة تماماً إلا من بعض المرءيات الحادِثية من هنا أو من هناك.

س8 هل يمكن أن نعتبر ديوان ريهام نوار الفصول من الشعر الإنسانى العام أم أنه رثاء بالدرجة الأولى؟

ج8 ولذلك فديوان ريهام نوار الفصول من الشعر الإنسانى العام بالدرجة الأولى .
تأمل :- " لأجلك تسكن النجوى وساداتى,...وخبأت المسك ذا للربيع,...فخذن لها عيناً من عيونى ترانى بها,...لأن الذى فى يديكِ سقام الجمال.."
وهل يرثى الإنسان إنساناً متشبثاً بالحياة ؟!

س9 رصدت التجربة لديك أغراضاً متعددة من الشعر وموضوعات فى شتى الاتجاهات الوطنية والدينية والسياسية فى مصر وخارجها هل على الشاعر أن يكتب فى كل الأنواع والموضوعات ؟

ج9 ليس على الشاعر بالضرورة أن يكتب فى كل الموضوعات وفى شتى الاتجاهات الوطنية والدينية والسياسية فى مصر وخارجها لكن ذلك لو توفر له لكان أفضل .
لأنه كالراصد للأحداث من حوله وهو موجود يسجل بعبقرية الزمان والمكان ما يقع من أحداث حوله ما دام موجوداً لأننى أتصور أنه بعد أن يرحل الشاعر عن هذه الحياة وتدرّس أعماله كما هو حادث وواقع سيقال فى موقف من المواقف: فلانٌ هذا عاصر إنتفاضة فلسطين عام 2000 مثلاً فماذا كتب عنها؟ أو عن أحداث العراق؟ فيكون الجواب كتب عن الأولى مثلاُ ديوانى "شال القطيفة والبندقية" و "جلاجل الفرس وردية الإيقاع" وعن الثانية ديوان " أبابيل " وهكذا ...
وأنا أتحمل مسئولية نفسى حتى بعد الرحيل عن الحياة.



س10 أحيانا أشعر أن هناك تكرار فى استعمال الكلمات وتوظيفها هل لذلك من دلالة؟

ج10 التكرار الموجود فى بعض الكلمات أو الألفاظ هو شئ طبيعى لأن الألفاظ هى خيط النسيج الذى تصنع منه القلادة أو القصيدة مثلاُ فليس هناك نسيج من غير خيط ووحدة شيئية كصناعة الموجودات أو الأشياء بشرط أن يكون ذلك مقبولاً ومجدولاً فى ضفيرة الكلمات بخيط سحرى يشد بعضها إلى بعض ويؤلف منظومة ورد جميلة وباقة حب ظليلة وشئ ما أكثر عمقاً وعشقاً خلف المرئيات المحسّة من هنا أو من هناك.
وقد كتبتُ عن التكرار المرذول وهو تكرار الموضوعات أو الصور أو القصائد بغية الإكثار من الكتب أو الدواوين وهذا شئ لا أخشى منه على تجربتى ذات العشرين ديواناً وكل ديوان بموضوع وعنوان معين وهو شئ ليس موجوداً قبله أو بعده.
ولا أخفى عنك أننى مؤمن أشد الإيمان بجغرافية اللغة فى سائر ما أكتب وكنت أدرّس ذلك للأولاد فى المدارس وأقول لهم: للمكان والزمان واقع جغرافى فى التناولات اللفظية التى يحتويها.
ففى المستشفى مثلاُ تشيع ألفاظ: "الدواء / الشفاء / المريض/الدكتور.."
وفى المدرسة "الأستاذ / التلميذ/ الحصة/ الدرس ..." وفى المحكمة " القاضى / المتهم/ الدفاع ..."
ولذلك كنت عندما أنوى كتابة ديوان عن العصر الفرعونى مثلاُ .." سنوهى فى بلاد العشق "
قرأت مجموعة الدكتور/ سليم حسن بكل متناولاتها لتطفح بعض ألفاظها على القصائد .
وقبل ذلك كتبت ديوان "وا...زمان الوصل بالأندلس"...قرأت الحضارة الإسلامية فى الأندلس والحمامة المطوقة وكل ما وصلت إليه يدى من متناولات الأندلس شعراً ونثراً لأكتب بمتناولات السياق وقد كنت أقدّر أن كل ما أقرؤه فى الموضوع سيفيدنى حتى ولو كان فناً تشكيلياً .

س11 السمات الأسلوبية التى تحيل النص إلى الطبيعة الريفية الأولى لاتفارق التجربة لديك فى أحيان ليست بالقليلة هل مازلت تشعر بالحنين إلى الريف البعيد؟

ج11 الطبيعة الريفية الأولى عندى راسخة فى الوجدان رسوخ الليل والنهار والشمس و القمر ولا تزوغ ولا تغيب كما هى ثابتة فى مداراتها المختلفة التى خلقها الله عليها رغم ما اعتراها من خلال القِدم ورُعافِ الهِرم كما ينتاب بعض الذوبان جبال الجليد ولكنها شامخة كعهدنا بها يوم خلقها الله ويوم ألقى عليها عذار التكليف وبدار الأمانة فتغطيْن برداء الإباء ودثار الخوف وجرى إليها الإنسان متحملاً العواقب غير هياب ولا وجل .
طبيعةٌ هذا شأنها ترسخت فى أعمال الشعور منذ الوهلة الأولى التى حبا الإنسانُ فيها على الأرض, ودرج على مدارجها وتمرغ فى ترابها وعاشرها بكراً ذلولاً يحتضن الزهور ويختدن البدور يقلّب الغلات, ويعدد الهبات, ويحمل فى يديه السلال والقلال .
فهل بوسعى ووسع الإنسان أياً كان يعى هذه الهبات أن ينساها يوماً ما مهما تقطعت به السبل وألقت به المقادير فى ناحية أخرى مغايرة لما ألِف وحنى وقطف وكبّر؟
س12 من هو الشاعر المثقف ؟

ج12 المثقف عندى من لبس دثار المعرفة وأخذ من كل فن بطرف .
فإذا تحدث إليك ألفته عارفاً بالسياسة والكياسة والأدب والفن والدين والفلسفة والذوق ولا أقول أن يكون متخصصاً فى فن من هذه الفنون وإنما تكفيه المعرفة التى تمكنه من أن ينعم بما يرى ويسمع ويتحدث إلى من حذق هذه الفنون حتى ليخيل إليك أنه من رجالها .
هذا هو المثقف عموماً ...
أما الشاعر المثقف فهو:-
من أضاف إلى هذه المعرفة ثقافة خاصة وألمّ بفنون الأدب واللغة والبلاغة وقرأ منذ الصغر قراءات شتى وأخذ بطرف من الأدب الجاهلى والإسلامى والمعاصر وإذا امتهن الشعر وأصبح من رجالاته المرموقين فلابد أن يزاحم فى الساحة الأدبية بالمناكب والأقتاب وأن يكون على علم تام بما يجرى فى تلك الساحة من شواهد وشوارد وحتى لا يفوته شئ قد يكون فيه الخير لو ألم به.

س13 لماذا تكتب ولمن ؟

ج13 هذا سؤال يبدو فى غاية الحرج ولقد سألته لنفسى قبلاً وكنت أجيب :-
إننى أكتب لأكتب وقد تكون هذه الإجابة شافية فى بداية التجربة الإبداعية لكنها لا تنفع الآن لمن كتب والتفت الناس إليه وقد ملأ الساحة صخباً وذهباً !
أما لمن أكتب؟
فإننى أكتب لمن يقرأ ولمن يسمع ..لأن القراءة والاستماع مجرد الاستماع أصبح فى هذه الأيام نادر الحدوث ! لكن الخير فى الناس مازال وسيظل قائماً لأن قسيمه الآخر قائم .
وأكاد أقول: إن الساحة الأدبية ملأى بأصحاب الهوايات والهمم ..
وإن كان التليفزيون والقنوات الفضائية والحاسوبات قد اقتطعت عناصر مهمة من حياة الناس وأوقاتهم فيما يفيد وفيما لا يفيد فى ذات الوقت .
ولذلك اصطنعنا للشباب وللشبيبة مواسم وأعياداً للقراءة علهم يلتفتون لشئ مهم فى حياتهم ألا وهو القراءة, ولكنهم حتى فى هذه المواسم والأعياد لا يقرأون .



س14 ما هو النص الذى تتمنى كتابته أوماهى الفكرة التى تراودك وتلح عليك؟
ج 14 كنت أود أن أكتب المسرحية كما أحب وهى فى الحسبان لأن لى فيها تجربة ناجحة فى بداية الكتابات وهى موجودة فى ديوانى الثانى "طقوس اللسلة الممتدة /سلام الله يا أمى/" .
لكن من يقبل على هذا العمل كما يجب فلابد أن يقرأ مائتى نموذج على الأقل حتى يحسن العمل ويضيف إلى المسرح العربى جديداً, وعلى الله وحده تحقيق هذه الأمانى والرجاءات .

س15- هل عبرت عن ذاتك كما تحب في دواوينك العديدة التي مضت؟

ج15 نعم أرانى فى كل قصيدة ومن وراء كل قصيدة مما كتبت أعبر عن ما يجيش فى صدرى من قيمة ومن رغيبة تحققت أو أهلل لها لتتحقق فى سموق وثبات وإباء وشمم والحكايا عديدة تفصح عنها هذه الدواوين ..عيناً بعين وموالاً بموال فى ذات الترتيب الإبداعى الذى كتبتها به .
وهو ترتيب فى غاية الأهمية لمن يدرس ويهجس ويحلل وهو فى نهاية الدرب حبيبٌ يرفد الحلوى ويتناول معى فنجال قهوة زائد السكر !

س16ما السؤل الذي تحب أن يوجه لك بشأن تجربتك الإبداعية؟

ج16 السؤال الذى كنت أحب أن أجيب عنه هو عن اللغة وصحتها وعن صحة الإيقاع لأن ناقداً حبيباً قد مسّ هذا الجانب فى أحد دواوينى لذا فأنا أوفر عليه عناء الإجابة لأجيب:-
إن الكتابة على الحاسوب قد تضيف ألفاً أو تحذف ألفاً يعنى تحسب عليك خطأً وهو خطأ طباعى وليس خطأً لغوياً لأن هذه الكتابة مراجعة مرات عديدة.
وأضيف : أن اللغة فضفاضة رحبة فى تقديراتها وفى الحذف وفى الإضافة وتقدير العوامل واختلاف المدارس اللغوية والضرورات الشعرية فى سبيل اعلاء صوت الشعر .
فأنا لم أكتب فى ضرورة تخالجك إلا ولها من الصحة وجه, بارك الله الأزهر الشريف الذى بسط لنا النعماء ننهل من رضابها ما نشاء ولنقدم للشعر العربى باقات لغوية جميلة قطفناها بأيدينا من ورود اللغة وروابيها .
أما الإيقاع فمن يقرأ القصيدة العربية الجديدة للأستاذ/ عبد المنعم عواد يوسف ويدرس تقلبات التفعيلة العروضية على جنباتها المختلفة يعرف : أن المقولة التى تعلمناها فى مجال الدرس والبحث و نحن صغار وهى أنه: ما أخطأ نحْوىٌ قَط هى مقولة صحيحة, وأضيف إليها :
وما أخطأ موقّع قَط عبَّ من نهر القصيدة العربية الحديثة وموسيقاها تبراً وأساور وأسارير !
كذلك : وكما ذكرت قبلاً فى هذا الحوار أن ورود بعض الكلمات أو الألفاظ العامية والمُقوّس عليها فى بعض الدواوين ...
إنما هو خلجة من خلجات هذا العمل الضخم مقصودة لذاتها ولإحداث التوازن المطلوب بين ذلك وما يقالُ من أعجمية بعض الألفاظ .
وأذكر بهذا الخصوص أن إبنةً لى قرأت يوماً قصيدة "على قهوة الصباح" بإحدى الصحف ولسهولتها وجمالها قالت لى: هل هذه القصيدة عامية ؟ لأن لها تخصصاً آخر ..
فقلت لها : لا ... إنها فى غاية الفصاحة والبلاغة وقد دفع ذلك الدكتور/ يسرى العزب أن يقول فى إحدى مناقشاته الإذاعية:-
إننى أهيبُ بشباب شعراء الشرقية أن يقرأوا محمد سليم الدسوقى كله فسوف يفيدهم ذلك كثيراً .

س17ما رأيك في هذا الحوار؟

ج17 تسألنى بعد هذا الحوار عن رأيى فيه فأقول لك: ..
هذا الحوار شدنى شداً للإجابة عنه وقد كان فى نيتى أن أكتب عن ذلك لكنى كنت أؤجله إلى حينه ولكنك إستطعت بحوارك هذا أن تجذبنى جذباً إلى الكتابة عنه مفصلاً وموضحاً كما تحب وأرجو أن أكون قد وفقت فى ذلك .

س18 قام الباحث والناقد د.نادر عبدالخالق بقراءة شعرك من وجوه الصورة والأسلوب واللغة هل تراه وفق فى الوقوف على ما كنت تود قوله؟

ج18 أما سؤالك الأخير عن مدى توفيقك فى الوقوف على ما كنت أود أن أقوله..فأقول: كأنك قد كنت تقرأ أفكارى فى الإشارة إلى جوانب هذه التجربة التى أرجو أن تكون ناجحة لديك ولدى كافة الدارسين والباحثين الذين يستهويهم البحث والدرس وإلقاء الأضواء على تجارب أفنى فيها أصحابها أكثر من خمسين عاماً من القراءة والمتابعة والمثابرة والاستمرارية رغم قسوتها وعنائها وسهر الليالى والأيام .
وإن كنت أود أن يتسع وقتك وبحثك ليشمل قراءة التجربة كلها من ديوانها الأول وحتى ديوانها الحادى والعشرين لتعم الفائدة وتكمل النجاعة ونجيب معاً عن سؤالٍ تردد فى ردهات العقول كثيراً وقد عانيت منه أكثر وهو لماذا يجفل النقاد العظام عن دراسة التجربة عند محمد سليم الدسوقى؟؟!!
ولك شكرى وتقديرى على عملك النبيل وعلى تحملك وجسارتك يا دكتور/ نادر
مع تحياتى وتمنياتى الطيبة لك بالتوفيق والسداد.


حوار أجراه
الدكتور
نادر أحمد عبدالخالق
مع الشاعر
محمد سليم الدسوقى
30/10/2009

قانا .. لها ! قصيدة للشاعر محمد سليم الدسوقى

قانا .. لها !
شعر محمد سليم الدسوقى
-1-
فتلك الجميلة .. .
فوق السحاب وفوق الرباب
وفوق البيوت
يقولون ماتت :
ولكن وهج السنا والمنى لايموت
-2-
فكم هفهف الورد والسيسبان ..
وشطرت الشمس والحبهان
رهان السكوت !
وأخرجت الأرض غيض القتامة
والمستهامة ..
والنوح والبوح ..
دنيا الخبوت
فماذا عن الصمت ( قانا ) !
وماذا عن الورد والعهد ..
والبرتقال الذى صار يوما دمانا ؟
وشقشقة الزهر، والنهر،
والعنكبوت؟
-3-
ويمشى على أرضها الألعبان
الجبان ..
يفتر عنها كئوس العسل
ويخطف من وجنتيها المنى
والأمل !
وزقزقة الموز بين العسيب وبين
النسيب ..
وبين الحياء وبين الوجل !
-4-
تهزهز (قانا) بنود الضحايا
جنود الصحاب ، أسود الجبل ،
فيعشوشب الحنضل المستطاب
وينسكب المر فى المقتبل !
ويسهد صبرى سهاد المرار
يغنى على ذلك الوغد أنى رحل !

-5-
فإن عادت العقرب الحيزبون ..
وعاد الذى عاث .. عدنا لها !
فيخضوضر الدم تحت اللهيب ..
وتحت الكثيب
وتستبطن الأرض زلزالها !
فـ " قانا" الدماء و" قاما " الرماء
و" قاما " بناتى فدوى لها !
-6-
فيا أيها الوغد ذاك الجبان ..
الذى ينهزم ..
ودمى على نهرها يضطرم ..
بناتى على العهد شلن الرؤس ..
النفوس على كفهن ، على صبرهن ..
على حومة الوجد ، والوعد
فى حب " قانا " هوانا ..
مهور تهون ..
دماء تجلجل عند الهدير ..
وعند المسير
ويبقى لحومتنا ما لها !!
شعر محمد سليم الدسوقى
نشرت فى المساء الأسبوعية إبان
الحرب على بيروت يونية 2006م .